ما هي النسبة الحالية للتصحر في الوطن العربي؟ وما هي العوامل المؤدية لذلك؟ منذ تسعينيات القرن الماضي، شهد الوطن العربي زيادة ملحوظة في المناطق المتصحرة أو التي تواجه خطر التصحر، وينجم ذلك عن مجموعة من العوامل. وقد أدت هذه الظاهرة إلى آثار سلبية عديدة على الأراضي العربية. في هذا المقال، سوف نستكشف ظاهرة التصحر في الوطن العربي بالتفصيل.
نسبة التصحر في الوطن العربي
تشير العديد من الدراسات الحديثة إلى أن نسبة التصحر في الوطن العربي تصل إلى حوالي 68% من إجمالي المساحة الإجمالية للأراضي العربية. كما يُلاحظ أن أكثر من 500 مليون هكتار من الأراضي الزراعية في المنطقة قد تحولت بالكامل إلى صحاري.
تُعد هذه الأوضاع مقلقة حيث أن 90% من مساحة الوطن العربي أصبحت جزءًا من المناطق ذات الجفاف الشديد والجاف وشبه الجاف، مما يهدد أكثر من 90 مليون شخص بالفقر والجفاف.
ما هو التصحر؟
بعد التعرف على نسبة التصحر في الوطن العربي، من المهم توضيح مفهوم هذه الظاهرة. يشير التصحر إلى:
تدهور الأراضي وجفافها في البيئات الجافة و شبه الجافة، مما يؤدي إلى فقدان الحياة النباتية والتنوع الحيوي، بالإضافة إلى فقدان الطبقات السطحية من التربة مما يؤثر سلبًا على قدرة الأرض على الإنتاج الزراعي ودعم الحياة الحيوانية والبشرية.
العوامل المسببة لظاهرة التصحر في الوطن العربي
عند دراسة نسبة التصحر في الوطن العربي، نجد أن هناك العديد من الأبحاث التي تناولت أسباب هذه الظاهرة. وقد أظهرت تلك الدراسات أن عوامل التصحر تنقسم إلى طبيعية وبشرية، وسنستعرضها فيما يلي:
1- العوامل الطبيعية لظاهرة التصحر
تشمل العوامل الطبيعية للتصحر تلك التي لا يُمكن للإنسان التأثير عليها، وتتمثل في:
- انخفاض معدلات الأمطار وارتفاع درجات الحرارة، مما يؤدي إلى جفاف شديد في الطبقات السطحية للتربة وفقدانها بسبب الرياح، وهذا يؤثر بشكل كبير في الأراضي الزراعية خصوصًا في مناطق مثل شمال الصومال، وشمال السودان، وجنوب موريتانيا.
- تحرك الكثبان الرملية بفعل الرياح وانتقالها من مكان لآخر.
- حرائق الغابات الناجمة عن الارتفاع الحاد في درجات الحرارة.
2- العوامل البشرية لظاهرة التصحر
ترتبط العوامل البشرية للتصحر بالأفعال غير المسؤولة التي يقوم بها الإنسان، وتتمثل أبرز تلك الأسباب في:
- القطع الجائر للأشجار بصورة عشوائية.
- الرعي الجائر الناتج عن زيادة عدد الحيوانات بشكل يفوق قدرة المراعي.
- الإسراف في ري الأراضي الزراعية واستخدام الأسمدة والمبيدات بشكل مفرط مما يُضعف خصوبة التربة.
- الزحف العمراني الناتج عن النمو السكاني الكبير، مما يؤدي إلى تحويل مساحات واسعة من الأراضي الزراعية إلى مناطق عمرانية.
- الإهمال في صيانة الأراضي الزراعية في المناطق الريفية.
- اندلاع حرائق الغابات نتيجة الإهمال أو الأعمال العمدية.
الآثار الناتجة عن ظاهرة التصحر في الوطن العربي
بعد استعراض الأسباب الرئيسية لظاهرة التصحر في الوطن العربي، يجدر بنا النظر في الآثار السلبية المترتبة على هذه الظاهرة، والتي تشمل:
- انخفاض الغطاء النباتي في المنطقة.
- الهجرة القسرية لعدد من السكان جراء تدهور الأراضي الزراعية.
- ظهور المجاعات وزيادة معدلات الفقر والجفاف.
- تدهور التربة وتفككها نتيجة ارتفاع ملوحتها، مما يُفقد الأراضي قدرتها على الإنتاج الزراعي.
استراتيجيات التصدي لمشكلة التصحر في الوطن العربي
هناك عدد من الاستراتيجيات الفعالة التي يمكن أن تُتبع للحد من مشكلة التصحر، والتي تم تطبيقها في العديد من أجزاء الوطن العربي، ومنها:
- سن قوانين صارمة لمنع القطع الجائر للأشجار.
- زراعة الأشجار حول الأراضي الزراعية بالقرب من الصحاري لتكون كحواجز للرياح تساعد على تثبيت الرمال.
- حماية التربة ضد الانجراف عن طريق التشجير وإيجاد مدرجات وعناية دورية.
- توسيع المشاريع الزراعية المستدامة وترشيد استهلاك المياه والأسمدة والمبيدات.
- تشجيع التوسع العمراني الرأسي بدلاً من الأفقي، مع الحرص على الابتعاد عن الأراضي الزراعية.
جهود الدول العربية في مكافحة ظاهرة التصحر
نظرًا لخطورة ظاهرة التصحر، بذلت الدول العربية جهودًا متعددة للحد من آثارها السلبية، والتي تهدد استراتيجيات التنمية المستدامة. ومن أبرز هذه الجهود:
- تنفيذ أنشطة متنوعة تهدف إلى مكافحة التصحر.
- إنشاء مؤسسات بيئية تتولى تطبيق السياسات المتعلقة بحماية البيئة.
- وضع تشريعات وقوانين تغطي مجالات بيئية متعددة.
- تأسيس المركز العربي لدراسات المناطق الجافة والأراضي القاحلة ضمن جامعة الدول العربية.
- تطوير شراكات مع الصين ودول أمريكا الجنوبية للاستفادة من تجاربهم الناجحة في مكافحة التصحر.
في ختام الحديث، يُعتبر التصحر من أبرز المشكلات البيئية التي تهدد مستقبل الشعوب العربية في الدول المختلفة، مما يتطلب تكثيف الجهود لإيجاد حلول فعالة تواجه هذه التحديات، وتساعد على تحقيق التنمية المستدامة في الوطن العربي.