في هذا المقال، سنتناول لمحة مختصرة عن ابن بطوطة وأهم إنجازاته، حيث يعتبر من أبرز الرحالة العرب المسلمين في المغرب الأقصى، وقد ساهم في إثراء المكتبة العربية من خلال كتاباته في التاريخ والجغرافيا. سنقدم لكم عبر هذا الموقع لمحة عن حياة أمير الرحالين المسلمين وأهم إنجازاته.
لمحة عن ابن بطوطة وإنجازاته البارزة
هو محمد بن عبد الله اللواتي الطنجي، المعروف بلقب ابن بطوطة، ويُعتبر أشهر رحالة عربي مسلم. خلال رحلاته، زار نحو أربعين دولة عبر القارات الثلاث القديمة، وقطع مسافات تتجاوز 120 كيلومتراً. وُلد في أوائل القرن الرابع عشر الميلادي عام 1304 في مدينة طنجة في المملكة المغربية.
خلال فترة إقامته في الشرق، عُرف باسم “شمس الدين بن محمد بن عبد الله بن بطوطة”، وينتمي إلى قبيلة لواتة التي هي إحدى القبائل الأمازيغية. لقب “ابن بطوطة” يعود إلى والدته، وهي عادة شائعة في شمال أفريقيا في ذلك الوقت.
ينتمي ابن بطوطة إلى عائلة يعمل معظم أفرادها في مجال القضاء، حيث كانوا ينتمون للمذهب المالكي السائد في شمال أفريقيا. كان من أبناء الطبقة الاجتماعية المتوسطة، حيث تلقى تعليماً في العلوم الشرعية كغيره من أبناء هذه الطبقة.
بعد إنهاء دراسته، تولى القضاء لمدة خمس سنوات، ثم قرر أن ينطلق في رحلة جديدة نحو الصين، حيث شغل منصب القضاء هناك لمدة ثلاث سنوات، بالإضافة إلى قضائه لبعض الوقت في جزر المالديف. وعند عودته إلى المغرب، طلب منه السلطان فاس أبو عنان المريني كتابة أخبار رحلاته، عيّن له ابن جزى الكلبي ككاتب مساعد.
أسباب رحلات ابن بطوطة
على غرار أفراد عائلته، كان والد ابن بطوطة يأمل أن يلتحق ابنه بمجال القضاء. إلا أن ابن بطوطة كان له طموحات أخرى عند بلوغه الواحد والعشرين، حيث بعد إتمام دراسته في الفقه والأدب، عزم على زيارة بيت الله الحرام في رحلة استمرت تسعة وعشرين عاماً تقريبًا.
رحلات ابن بطوطة
كانت لدى ابن بطوطة العديد من الرحلات إلى مختلف البلدان. ربما كانت رغبته المغرية في معرفة أخبار الشعوب وعاداتها المتنوعة هي السبب في هذه الرحلة الطويلة التي انطلقت من شرق الأرض إلى غربها، حيث بدأ رحلته في رجب عام 725 هجري واستمرت حتى ذو الحجة عام 754 هجري.
1- الرحلة الأولى لأداء الحج
غادر ابن بطوطة مدينة طنجة، مسقط رأسه، في الثاني من شهر رجب عام 725 هجري، متوجهًا نحو البيت الحرام وزيارة رسول الله. وبعد رحلة طويلة وشاقة، وصل ابن بطوطة إلى المدينة المنورة، حيث صلى في الروضة الشريفة ثم تابع رحلته إلى مكة المكرمة، واصفًا إياها بأنها مدينة كبيرة على شكل مستطيل محاطة بالجبال من جميع الجهات.
2- رحلته إلى العراق
استفاد ابن بطوطة من زيارة العديد من المدن الرئيسية في العراق، حيث كان يصف خصائص سكانها. وبشكل خاص، أشاد بمدينة واسط واصفًا جمالها وخصوبة أراضيها. كما أن زيارة البصرة والكوفة وبغداد والموصل كانت جزءاً من رحلته.
3- زيارة بلاد فارس
استكشف ابن بطوطة العديد من المدن في بلاد فارس، لا سيما مدينة شيراز، التي تتميز بجمال بساتينها وأنهارها المعروفة.
4- رحلته إلى مصر
وصل ابن بطوطة إلى الإسكندرية، المعروفة بـ “عروس البحر الأبيض المتوسط”، حيث تمتاز بمبانيها المهيبة. كما زار مدن ساحلية مثل دمياط وقاهرة المعز الشهيرة.
ووصف ابن بطوطة نهر النيل بأنه من أكثر الأنهار عذوبة، وأشار إلى الأهرامات كأحد عجائب الدنيا، بلا مثيل في جمالها وعظمتها.
5- رحلة اليمن
رافقه الشيخ الفقيه أبو الحسن الزيلعي خلال زيارته لليمن، حيث التقيا بقاضي القضاة الإمام صفي الدين الطبري المكي، الذي استضافهما لثلاثة أيام. كان اليمن معروفًا بالعمارة الجيدة والمناخ المعتدل، وقد أعجب ابن بطوطة بشكل خاص بجامع صنعاء.
6- زيارته للصومال
رحل ابن بطوطة إلى الصومال على امتداد الساحل الشرقي لأفريقيا، وبدأ زيارته بمدينة زيلا، حيث وجد منها المسلمين الذين يتبعون المذهب الشافعي.
7- رحلته إلى آسيا الوسطى والشرق الأدنى
انتقل ابن بطوطة بين بلدان الشرق وبلاد فارس وصولاً إلى روسيا وآسيا الوسطى، حيث كان المغول في ذلك الوقت مسلمين. وقد أكمل رحلته سيرًا على الأقدام حتى وصل إلى الهند.
8- رحلة الأندلس والمغرب
من الوجهات التي زارها ابن بطوطة كانت الأندلس، حيث وصل إليها ليلة عيد. على الرغم من إحساسه بالغربة، إلا أنه استمر في رحلاته في المغرب، وزار مدينة تازي حيث تلقى خبر وفاة والدته.
9- رحلته إلى مالي
استكشف ابن بطوطة مملكة مالي، مسجلًا تفاصيل عن الحكام والشعب والشخصيات البارزة بها، حيث قدم وصفًا دقيقًا للأحداث التي شهدها.
مؤلفات ابن بطوطة
يُعتبر كتابه “رحلة ابن بطوطة: تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار” هو العمل الوحيد الذي وثق فيه جميع أخبار رحلاته من الشرق إلى الغرب.
وفاة ابن بطوطة
اختفى ابن بطوطة بعد كتابة كتابه، واجمع الكثير من المؤرخين على أنه استمر في العمل بالقضاء حتى نهاية حياته، حيث عاش بمستوى جيد من التيسير حتى انتقل إلى رحمة الله تعالى في عام 779 هجري، الموافق 1377 ميلادي.
استعرضنا في هذا المقال أبرز المعلومات عن ابن بطوطة أمير الرحالين المسلمين، وتناولنا أيضًا أهم الرحلات التي قام بها من الشرق إلى الغرب، بما في ذلك رحلاته إلى مصر والعراق وبلاد فارس واليمن ودول آسيا الوسطى.