يُعتبر سيدنا آدم عليه السلام هو والد البشرية، وقد وردت قصة خلقه في العديد من الآيات القرآنية في مختلف السور.
يخبرنا الله تعالى أنه كان مسكن سيدنا آدم في الجنة، لكن سرعان ما أغواه الشيطان، مما أدى إلى إنزاله هو وزوجته إلى الأرض.
قصة هبوط آدم وحواء إلى الأرض
- بدأت قصة خلق سيدنا آدم عندما خلقه الله تعالى من التراب، ثم نفخ فيه من روحه، وأمر الملائكة بالسجود له.
- استجابت الملائكة لأمر الله وسجدت له تكريمًا، ثم خلق الله له زوجة، وهي أمنا حواء.
- وقدم لهما النعيم في الجنة، حيث لم يكن عليهما أن يجوعا أو يعريا، بالإضافة إلى كل أنواع الرفاهية.
- ومع ذلك، كان هناك نهيٌ واحد، وهو عدم الاقتراب من شجرة معينة.
- لكن الشيطان غرّ Adam وجعله يعصي أوامر الله ويأكل من تلك الشجرة.
- وعلى إثر ذلك، أنزله الله من الجنة إلى الأرض نتيجة لذلك الفعل.
- وهكذا بدأ التكاثر على الأرض، بعد أن كان آدم وحواء وحدهما، فقد انتشر النسل وأصبح الناس قبائل وأمم.
- ومع ذلك، لا يعرف الكثير من الناس المكان الذي هبط فيه سيدنا آدم، وكيف كانت تفاصيل تلك الحادثة.
للتعرف على التفاصيل الإضافية:
مكان هبوط آدم عليه السلام
- على الرغم من أن قصة خلق سيدنا آدم قد ذُكرت في العديد من المواضع بالقرآن، إلا أن الله لم يحدد مكان هبوطه بشكل صريح.
- كما أن السنة النبوية لم تذكر هذا الأمر بوضوح أيضًا.
- مع ذلك، هناك بعض الآراء التي ذكرها العلماء، وقد تكون صحيحة أو غير صحيحة.
- لأنه لا يوجد دليل شرعي مؤكد يؤكد صحة هذه الأقوال أو عدم صحتها، لذا ينبغي علينا أن نستند إلى ما يتوافق مع القرآن والسنة، ونتجنب ما يتعارض معهما. ومن أبرز هذه الأقوال:
رأي الإمام حسن البصري
- قال رحمه الله إن سيدنا آدم هبط في الهند.
- أما أمنا حواء فقد نزلت في المملكة العربية السعودية، وبالتحديد في جدة.
رأي السُدي كما نقله عنه ابن كثير:
- قالا رحمهما الله أنهما نزلوا معًا في بلاد الهند.
- ولم يتفرقا أثناء الهبوط.
أقوال بعض العلماء القدامى:
- يعتقد البعض أن سيدنا آدم هبط في الصفا بمكة المكرمة.
- بينما يُعتقد أن أمنا حواء هبطت في المروة، وقد ورد هذا القول عن ابن عمر رضي الله عنه.
- هناك قول آخر يتحدث عن هبوط آدم في منطقة دحنا، التي تقع بين مدينتي الطائف ومكة.
- ولم تصلنا روايات مباشرة حول مكان هبوط حواء، غير أن ما ورد عن ابن عباس رضي الله عنه يدعم هذا القول، حيث ذكر:
- (أُهبط آدمُ إلى أرضٍ يقالُ لها دَحنا بين مكة والطائف).
سبب هبوط سيدنا آدم للأرض
- الله تعالى خلق آدم بيديه الكريمتين، ثم أمر الملائكة بالسجود له كعلامة تعظيم وتقدير لخلقه.
- استجابت الملائكة للسجود كواجب مفروض عليهم، حيث أن سجودهم كان تكريميًا وليس سجود عبادة.
- ورغم ذلك، إبليس الذي كان يُعتبر من الملائكة في تلك الفترة، أبى أن يسجد وأظهر تكبره.
- وبرر إبليس امتناعه بأنه أفضل من آدم، قائلًا إنه خُلق من النار بينما خُلق آدم من الطين.
- قال الله تعالى في كتابه العزيز:
- (وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِـآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِن دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا).
- وعندما أبى إبليس أن يسجد، سخط الله عليه وطرده من جموع الملائكة، حيث كان له مكانة رفيعة بينهم.
- فغضب إبليس لطرده وقرر أن يغوي نسل آدم.
- وكان يعلم أن سيدنا آدم سيهبط إلى الأرض وسيُنتَج عن ذلك عباد لله يدخلون الجنة إن أطاعوه.
- لذا، عاهد إبليس نفسه على غوايتهم كما فعل مع آدم.
استمرار الأسباب وراء نزول آدم من الجنة
لم يكتف إبليس بذلك، بل طلب من الله أن يُخَلّد إلى يوم القيامة، فأعطاه الله مبتغاه كما ورد في القرآن:
- (قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ*)
- قَالَ فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَنْ تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ*
- وَقَالَ أَنظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ* قَالَ إِنَّكَ مِنَ الْمُنظَرِينَ* قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ*
- ثُمَّ لَآتِيَنَّهُم مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن شَمَائِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ*
- قَالَ اخْرُجْ مِنْهَا مَذْءُومًا مَّدْحُورًا لَّمَن تَبِعَكَ مِنْهُمْ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنكُمْ أَجْمَعِينَ).
- ثم بدأ إبليس في غواية آدم، حيث وسوس له بأن الشجرة التي نُهى هو وزوجته عن تناولها، إنما هي شجرة الخلود.
- وأضاف أنه إن أكل منها، سيبقى في الجنة إلى الأبد وسيصبح ملكًا.
- استجاب آدم لهذا الأمر وأكل من الشجرة مع زوجته، فأنزلهما الله من الجنة.
- قال تعالى: (وَيَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلَا مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَٰذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ*
- فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِن سَوْآتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَٰذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَن تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ*
- وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ*
- فَدَلَّاهُمَا بِغُرُورٍ ۚ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ ۖ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَن تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُل لَّكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُّبِينٌ).
وفاة آدم عليه السلام
- تناولت السنة النبوية قصة وفاة سيدنا آدم، والتي ذكرت أنه توفي يوم الجمعة.
- وقد جاءت الملائكة بحنوط وكفن له من الجنة.
- رواية عن أبي ابن كعب رضي الله عنه تفيد أن رسول الله صلّ الله عليه وسلم قال:
- عندما احتضر آدم عليه السلام قال لبنيه: “انطلقوا فاجنوا لي من ثمار الجنة.” فما إن خرجوا، هاجمتهم الملائكة.
- سألتهم: “إلى أين تذهبون يا بني آدم؟” فأجابوا: “بعثنا أبونا لنحضر له ثمار الجنة.” فقالت لهم: “ارجعوا فقد كفيتم.”
- ثم عادوا إلى آدم، وعندما رأتهم حواء خافت وتوجهت إليه، فقال لها: “ابتعدي عني، فقد جئت من قبلي، اتركي بيني وبين ملائكة ربي.”
- فقبضوا روحه، وغسلوه، وحنطوه، وكفنوه، ثم صلوا عليه، وحفروا له ودفنوه.
- ثم قالوا: “يا بني آدم، هذا هو سنتكم في موتاكم، فتبعوها.”
الحكمة من هبوط سيدنا آدم للأرض
إن هبوط سيدنا آدم عليه السلام إلى الأرض يحمل العديد من الدروس والمعاني العميقة التي نستفيد منها في حياتنا الروحية والدينية. ويمكن تلخيص بعض الحكم التي نستنتجها من هذا الحدث العظيم كما يلي:
إظهار عداوة إبليس للإنسان
- إن هبوط آدم وحواء إلى الأرض جاء عقب عصيان إبليس لأمر الله بعدم السجود لآدم، مما جعله عدوًا دائمًا للبشر. قال الله تعالى: “إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا” (فاطر: 6). وكان الهبوط بداية صراع بين الخير والشر، بين الإنسان وإبليس.
التحذير من فتنة الشيطان
- تُعد قصة هبوط آدم درسًا عميقًا للبشرية حول خطورة فتنة الشيطان وضرورة التحذير منها. يسعى الشيطان دائمًا لإغواء الإنسان وإبعاده عن طاعة الله، كما حدث مع آدم وحواء في الجنة.
- يذكرنا هبوط آدم بأن الشيطان هو عدو يجب الحذر منه وعدم الانسياق وراء إغوائه.
تعليم الإنسان الاستغفار والتوبة
- عندما أكل آدم من الشجرة المحرمة، قدمت توبته درسًا عن كيفية العودة إلى الله وطلب المغفرة. قال الله تعالى: “فَتَلَقَّى آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ” (البقرة: 37).
- إن هبوط آدم يوضح أهمية الاستغفار والتوبة من الذنوب، حيث إن الله غفور رحيم يقبل توبة عباده إذا رجعوا إليه بصدق.