يُعتبر التحدث مع النفس موضع دراسة في علم النفس، ويتساءل الكثيرون عما إذا كان يعد مرضًا نفسيًا. فنحن كثيرًا ما نستغرق في حديث داخلي صامت في مناسبات مختلفة، مثل: “أين وضعت المفاتيح؟”، “هل تأكدت من تصرفي؟”، و”هل يشعر هذا الشخص بمراقبتي؟”.
التحدث مع النفس في مجال علم النفس: هل هو علامة على مرض نفسي؟
غالبًا ما نراجع مواقفنا وأفكارنا دون أن ننتبه، وقد نصل في بعض الأحيان إلى محادثات عميقة بصوت مرتفع أثناء الليل. هذا النوع من التحدث يمكن أن يلعب دورًا مهمًا في تنظيم أفكارنا وتخطيط أعمالنا. ويوفر وسيلة لتوحيد الذاكرة وتنظيم المشاعر، لذا قد يعتقد البعض أنه يعد مرضًا نفسيًا.
إن التحدث إلى النفس يمكن أن يساعدنا في السيطرة على عواطفنا، وقد يتطور إلى محادثة علنية استجابة لشعور قوي معين. على سبيل المثال، لاحظ عالم النفس السويسري جان بياجيه أن الأطفال يبدأون في السيطرة على أفعالهم مع تطور لغتهم. فعندما يلمس الطفل شيئًا ساخنًا، غالبًا ما يقول بصوت مرتفع “حار!” ليبتعد عن المصدر.
الدراسات العلمية حول التحدث مع النفس
أظهرت بعض الأبحاث النفسية أن التحدث إلى النفس ليس الطريقة الوحيدة للتحكم في سلوكنا، ولكنه يُعتبر الأسلوب المفضل لنا بشكل تلقائي. ومع ذلك، هذا لا يعني أننا نستطيع التحكم دائمًا فيما نقول. هناك مواقف معينة، مثل الأحاديث الداخلية المتكررة أثناء الليل، قد تكون مزعجة، خاصةً عندما نحاول إيقاف التفكير من أجل العودة للنوم. فأفكارنا قد تتشتت في مثل هذه الأوقات، مما يؤدي إلى حديث داخلي عشوائي.
يُعتبر هذا النوع من النشاط الذهني صعب السيطرة عليه، لكنه يمكن أن يُقمع عندما نركز على مهمة معينة. على سبيل المثال، ممارسة القراءة في تلك الأوقات قد يكون وسيلة فعالة للتقليل من التحدث الداخلي، مما يجعل القراءة نشاطًا محبذًا لتهدئة العقل.
العلاقة بين التحدث مع النفس والأمراض النفسية
أظهر الباحثون أن الأفراد الذين يعانون من اضطرابات مثل القلق أو الاكتئاب يميلون إلى تنشيط أفكارهم العشوائية بصورة متزايدة، حتى أثناء محاولتهم للقيام بمهمات يومية. وبالتالي، تعتمد صحتنا النفسية على قدرتنا على تنشيط الأفكار ذات الصلة بالموقف الحالي وقمع أي ضوضاء أو تحركات غير ذات صلة.
عندما تكون محادثتنا مع النفس خارجة عن السيطرة، يمكن أن ينتج عن ذلك أفكار غير متناسقة وغير ملائمة، مما يمكن أن يعكس وجود مشكلة عقلية. ففي حالات معينة، يصبح الحديث إلى النفس أداة في إدارة الأفكار. لذا، عندما يتسبب حديث النفس في إيذاء النفس أو الآخرين، يجب استشارة مختص في الصحة النفسية.
بعض الدراسات تشير إلى أن التحدث مع النفس يمكن أن يسهم في تقليل الشعور بالوحدة، ويعزز القدرة على تقييم المواقف. هناك أنواع متعددة من الحديث مع النفس، ومنها:
التحدث الإيجابي
- يتعلق بالإشادة بنجاحاتك وقدرتك على إتمام الأمور والتركيز على الإنجازات التي حققتها.
الحديث التحفيزي
- يعزز من قدرتك على تحقيق الأهداف من خلال تشجيع النفس وإقناعها بقدرتها على النجاح. كما يتضمن تذكير نفسك بالنتائج الإيجابية السابقة.
الحوار الداخلي لاتخاذ القرارات
- يستخدم للتوصل إلى قرارات مهمة تتعلق بحياة الفرد.
التحدث مع النفس للتخطيط
- ينطوي على وضع خطط مستقبلية، مثل الإقلاع عن التدخين من خلال الإقرار بأن هذه العادة تؤثر سلبًا على حياتك. وبالتالي، تصبح هذه المحادثات الداخلية أداة للتخطيط لمشاريع وأهداف مهمة أخرى.