الشعر في الثقافة العربية
يُعتبر الشعر من أبرز فنون الأدب العربي، حيث يُعد رمزاً لقدرة العرب على التعبير عن مشاعرهم ومدح ما يحيط بهم، سواء كان ذلك متعلقًا بالأحداث أو الأشخاص. يتم ذلك من خلال مجموعة من الأبيات، سواء كانت قصيرة أو طويلة، لتشكيل ما يعرف بالقصيدة. تباينت الآراء حول أول من نظم الشعر في التاريخ، مما يستدعي منا استعراض بعض الروايات المتعلقة بهذا الموضوع.
أول من نظم الشعر
استُشهد أمير المؤمنين علي بن أبي طالب -عليه السلام- في هذا السياق، حيث أشار إلى أن أول من قال الشعر هو سيدنا آدم -عليه السلام-، وهو أول خلق الله على الأرض. وتذكر الرواية أن آدم قال كلمات في رثاء ابنه هابيل الذي قُتل على يد أخيه قابيل:
وجاورنا عدواً ليس يفنى
لعينَ ألا يموتُ فنستريحُ؟
أهابلُ إن قُتلتَ فإنَّ قلبي:
عليك اليوم مكتئبٌ جريح
ثم جاءت إجابة إبليس:
تنحَّ عن الجنان وساكنيها
ففي الفردوس ضاق بك الفسيحُ
وكنتَ بها وأهلك في رخاءٍ
وهمُّكَ عن أذى الدنيا مريح
فما برحت مكابدتي ومكري
إلى أن فاتك الثمنُ الرَّبِيْحُ
ولولا رحمةُ الرحمن أمسى
بكفِّك من جنان الخلد ريحُ
آراء العلماء حول الشعر عند الأنبياء
يرى بعض الكتاب أن الأنبياء لا يجيدون نظم الشعر، وبهذا لم تُذكر أي ملامح للشعر في قصة سيدنا آدم. ومع ذلك، توجد العديد من الروايات حول أول من نظم الشعر، حيث يُشير بعض العرب والأدباء إلى أن العنبر بن تميم هو أول شاعر. وكان يُستخدم مصطلح “أناجيلهم” للإشارة إلى الشعر في زمن سيدنا عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-. وعندما استفسر عمر بن الخطاب من كعب الأحبار عما إذا كان للشعر ذكر في الكتب المقدسة، أجابه كعب قائلاً: “لقد وجدنا ذكراً لأناس أناجيلهم في صدورهم لا يعلمهم إلا العرب”.
أغراض الشعر
يعتبر الشعر مجالاً غنياً بالتعبير عن أعمق المعاني والمشاعر، ويغطي مجموعة واسعة من الأغراض، منها الرثاء، والحب، والمدح، والعتاب، والغزل، وغيرها. وقد استلهمت هذه الكلمات من مؤلفات قديمة تعكس قصص من سبقونا. ومن الشخصيات المعروفة في هذا المجال المهلهل بن ربيعة المعروف بالزير، الذي تتناقل قصته عبر وسائل الإعلام. فقد قدم في شعره أروع الأبيات وكل ما يعبر عن لحظاته. ومن أقواله المشهورة:
أَعَينَيَّ جودا بِالدُموعِ السَوافِحِ
عَلى فارِسِ الفُرسانِ في كُلُّ صافِحِ
أَعَينَيَّ إِن تَفنى الدُموعُ فَأَوكِفا
دماً بِاِرفِضاضٍ عِندَ نَوحِ النَوائِحِ
أَلا تَبكِيانِ المُرتَجى عِندَ مَشهَد
يُثيرُ مَعَ الفُرسانِ نَقعَ الأَباطِحِ