شهدت العراق مجموعة من المعارك والحروب خلال العصر الأموي، حيث حرص الخلفاء على إرسال ولاة أقوياء نظرًا لتقلب الأوضاع في تلك الفترة. يُعتبر الحجاج بن يوسف الثقفي من أبرز هؤلاء الولاة وأشدهم بأسًا. في هذا المقال، سنتناول متى وقعت معركة دير الجماجم، بالإضافة إلى تفاصيل المعركة.
متى وقعت معركة دير الجماجم؟
وقعت المعركة خلال فترة حكم الدولة الأموية في شهر شعبان من عام 83 هجريًا، والذي يوافق عام 702 ميلاديًا. كان طرفا المعركة هما الحجاج بن يوسف الثقفي، والي العراق في ذلك الوقت، وعبد الرحمن بن الأشعث، قائد جيش الحجاج.
أما مكان المعركة، فهي منطقة دير الجماجم الواقعة بالقرب من مدينتي الكوفة والبصرة في العراق. عُرفت هذه المنطقة بكثرة الاضطرابات والثورات ضد الحكم الأموي، حيث تمكن الحجاج من قمعها بواسطة جيشه تحت قيادة عبد الرحمن بن الأشعث.
أسباب حدوث معركة دير الجماجم
تتضح أسباب المعركة بعد معرفة وقت وقوعها، حيث عُرف الحجاج بن يوسف الثقفي بالظلم والطغيان بين أهل العراق. فقد عمل على إذلالهم وزعزعة سلامهم، مما أدى لسفك دماء العديد من الأفراد والعلماء. استخدم الحجاج الفتوحات كوسيلة لتمويه ظلمه من خلال إلهاء الناس عنها.
حققت الفتوحات في زمن الحجاج تقدمًا ملحوظًا بفضل جيش عبد الرحمن بن الأشعث، مما جعله يمثل تهديدًا مباشرًا للحجاج، حيث كان يُعتبر من الأبطال الشجعان القادرين على المنافسة.
ويقال إن الحجاج أرسل جيشه بقيادة عبد الرحمن إلى البلدان المجاورة للعراق، حقق خلالها الجيش انتصارات عديدة على الملك رتبيل، الذي طلب الصلح. لكن عبد الرحمن رفض وواصل تقدمه.
لاحقًا، اتصل بن الأشعث بالحجاج ليطلب إنهاء القتال وعقد الصلح، إلا أن الحجاج رد عليه بعنف ووصفه بالجبن، مهددًا إياه بالعزل إن لم يُكمل تقدمه. استشار بن الأشعث رفاقه ليقرر في النهاية عدم طاعة الحجاج.
تفاقمت الثورات بعد هذا الحدث، حيث أراد الناس الإطاحة بالحجاج وتعيين عبد الرحمن بن الأشعث واليًا عليهم. ومع ذلك، كان حسب القوانين المعمول بها أن الخليفة من نسب قرشي، بينما كان بن الأشعث من أصول يمنية.
تفاصيل المعركة
بدأت المعركة عند اشتعال النزاع في شتى أنحاء العراق، حيث انضم الثوار إلى جيش بن الأشعث لمواجهة الحجاج. وقعت معارك عنيفة بين الطرفين في منطقة دير الجماجم، وتمكن عبد الرحمن ومن معه من الثوار من تحقيق النصر في البداية.
تراجع الحجاج في ذلك الوقت لإعادة تنظيم صفوف جيشه، بينما واصل بن الأشعث ملاحقته، وحث أهل البصرة على الثورة ضد الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان آنذاك.
استطاع الحجاج جمع شتات جيشه وعاد لمواجهة بن الأشعث، واندلعت اشتباكات شديدة بينهما، مما أدى لفرار بن الأشعث إلى الكوفة. زادت هذه الأحداث من اضطراب الدولة وزيادة التهديدات من الأعداء، في حين أرسل الخليفة قرارًا لتهدئة الثوار.
أفادت الرسالة بأن الخليفة سيقوم بعزل الحجاج وتعيين ابنه محمد بن مروان مكانه، مع إعطاء بن الأشعث ولاية على بلد آخر، لكن الثوار رفضوا ذلك، مما دفع الخليفة إلى مواصلة القتال، وانتهت المعركة بانتصار الحجاج.
هرب بن الأشعث إلى الملك رتبيل، الذي أكرمه، إلا أن الحجاج هدد رتبيل بتدمير بلاده إذا لم يُرسل بن الأشعث إليه. وفي نهاية المطاف، رضخ رتبيل وقتل بن الأشعث، وأرسل رأسه إلى الحجاج.
بهذا نكون قد انتهينا من مقالنا عن معركة دير الجماجم، حيث استعرضنا تفاصيل المواجهة بين الحجاج بن يوسف والي العراق وعبد الرحمن بن الأشعث. انتهت المعركة بتقويض الثورات في العراق بعد انتصار الحجاج، وفرار بن الأشعث ومقتله لاحقًا.