يدعو دين الإسلام إلى التحلي بمكارم الأخلاق، مُشجعًا على اكتساب الصفات الطيبة والحميدة التي تسهم في رقي المجتمع وتطوره. كما يشمل التعاليم الإسلامية توضيح الأخلاق التي يُستحسن توافرها والأخرى التي يُنبه على ضرورة تجنبها.
في هذا المقال، سنتناول مفهوم الأنانية وحب الذات وفقًا للتعاليم الإسلامية.
الأنانية وحب الذات في الإسلام
سنستعرض النقاط التالية التي توضح معنى الأنانية وحب الذات في الإسلام:
- الأنانية تُعرّف على أنها ميل الإنسان إلى حب الذات وتفضيلها على سواها في مجمل جوانب الحياة.
- تتضمن الأنانية أيضًا تعظيم الذات والنظر إلى كل ما يُمكن أن يُنسب إليها من إنجازات، سعياً للحصول على الاهتمام والإعجاب من الآخرين.
- بالمقابل، يُعتبر الإيثار، وهو تقديم احتياجات الآخرين ورغباتهم على احتياجات الفرد ورغباته، من الفضائل المستحسنة.
- الأنانية تدفع الأفراد إلى الاعتقاد بأنهم الأجدر بالموارد والخيرات، مما يساهم في تعزيز الشعور بالأحقية لديهم مقارنة بالآخرين.
- إذا ما تطورت الأنانية، قد تؤدي إلى مجتمع تسوده الأنانية، بحيث لا يُظهر أفراده قيم العطاء والمساعدة للآخرين.
الفرق بين الأنانية والإيثار
نعرض فيما يلي أبرز الفروق بين الأنانية والإيثار:
- الأناانية تُعنى بتفضيل الشخص نفسه ومصالحه على كل ما يجعله محاطًا به، بينما يُشدد الإيثار على أهمية الإعطاء وتلبية احتياجات الآخرين حتى لو كان ذلك على حساب احتياجات الفرد.
- تُعد الأنانية من الأخلاق المذمومة التي حذر منها الإسلام، بينما يشجع الدين الحنيف على الإيثار ويعتبره من الفضائل.
- الأنانية تؤدي إلى ظهور أفراد يسيئون للمجتمع، في حين أن الإيثار يُنتج شخصيات نبيلة تعزز من رفعة المجتمع.
موقف الإسلام من الأنانية وحب الذات
قد حذر الإسلام من مفهومي الأنانية وحب الذات، وذلك من خلال النقاط التالية:
- أحد أبرز الأمثلة هو موقف إبليس عندما أُمر بالسجود لآدم، إذ تراجع عن طاعة الله عز وجل بسبب كبره واعتزازه بنفسه.
- قال الله تعالى في القرآن الكريم: (قالَ ما مَنَعَكَ أَلّا تَسجُدَ إِذ أَمَرتُكَ قالَ أَنا خَيرٌ مِنهُ خَلَقتَني مِن نارٍ وَخَلَقتَهُ مِن طين).
- الأنانية كانت السبب وراء عصيان إبليس لأوامر الله سبحانه وتعالى.
- لذا، يتعين على الناس التفكير بعقلانية ونزاهة، وإعطاء كل ذي حق حقه.
- هناك أمثلة أخرى عن الأنانية، مثل قصة قارون الذي اعتقد أنه حصل على المال بفضل معرفته، حيث قال: (إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي).
- كما نجد ذلك في قصة فرعون عندما ادعى الألوهية، فقال: (أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى).
- وكذلك في قصة النمرود عندما زعم أنه قادر على إحياء الموتى، حيث قال: (أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ).
الأنانية ودورها في تفشي المساوئ الأخلاقية
التحلي بالأنانية يمكن أن يؤدي إلى ظهور الكثير من المساوئ الأخلاقية، الأمر الذي سنوضحه في النقاط التالية:
- الأنانية قد تدفع الشخص إلى اكتساب صفات سلبية أخرى، مثل التكبر والغرور.
- الشخص الأناني يرى نفسه أهم وأرفع من الآخرين، مما يسهم في تدهور العلاقات الشخصية.
- الأنانية تساهم في انغماس الفرد في مديح ذاته، مما يجعله ينظر إلى نفسه كالأهم في الوجود.
- النتيجة هي أن الشخص الأناني يصبح غير مرغوب فيه في المجتمع ولا يسعى أحد لمرافقته.
- الشخصية الأنانية تعاني من العزلة، إذ ينعدم الدعم من الآخرين، وتزداد الخصومات بسبب عدم قبول النصح والاحتقار للآخرين.
- إذا تصرف الشخص باندفاع وراء أنانيته، فقد يؤدي ذلك إلى انتشار الشر في المجتمع وتفشي المشكلات بين الأفراد.
دعوة الإسلام إلى الإيثار
يدعو ديننا الحنيف إلى التحلي بالإيثار ومساعدة الآخرين، وسنتعرض في النقاط التالية لكيفية حث الإسلام على ذلك:
- وجه الإسلام الناس نحو مكارم الأخلاق، سواء في القول أو الفعل أو بوصفها مسارًا للحياة.
- الإيثار، وباعتباره نقيض الأنانية، يحتل مكانة مرموقة في تعاليم الإسلام.
- يجسد الإيثار قيم التعاون بين الناس ويشجع على تقديم الخير للآخرين.
- تظهر العديد من الأمثلة في السيرة النبوية تتحدث عن الإيثار، مثل موقف الأنصار مع المهاجرين الذين قدموا لهم المساعدة بكل سرور.
- قال الله في كتابه: (وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ).
- حث النبي صلى الله عليه وسلم على الإيثار وضرورة العطاء للغير، مشددًا على أنه علامة من علامات كمال الإيمان.
- كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لَا يُؤْمِنُ أحَدُكُمْ، حتَّى يُحِبَّ لأخِيهِ ما يُحِبُّ لِنَفْسِهِ).