يعتبر الإسلام دينًا يقدّر التسامح ويشدد على أهميته من خلال العديد من المواقف التي تُظهر ذلك، وخاصة عبر سيرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم مع قريش والقبائل الأخرى. ويظهر التسامح في تلك اللحظات التي يتناقلها الشيوخ ورجال الدين خلال خطبهم.
أهمية ومبادئ التسامح في الإسلام
حثّ الإسلام على تعزيز قيمة التسامح وجعله جزءًا أساسيًا من الأخلاق الحميدة، وقد جاءت الأحاديث النبوية الشريفة وآيات القرآن الكريم لتعكس هذه المبادئ بشكل واضح.
لقد وضع الإسلام أسسًا ومبادئ تهدف إلى تعزيز التسامح كركيزة من ركائز الإنسانية، ومن أبرز مظاهر هذا التسامح:
الأديان السماوية كمنارة للتسامح
- تؤكد الرسالات السماوية على أن مصدرها واحد، مما يعزز معاني التسامح والعفو بين البشر عبر العصور من خلال تبني هذه القيم التي تدفع الناس للتفكير في العواقب قبل اتخاذ الأفعال.
- لو لم يكن التسامح مدعومًا دينيًا، لكانت القوانين الوضعية عاجزة عن تطبيقه؛ حيث إنه يمثل سمة نفسية بامتياز، والإنسان يُحاسب على أفعاله وليس مجرد نواياه.
- قد تستطيع القوانين الاحتجاج أمام الممارسات السلبية في المجتمع، لكن لن تتمكن من خلق نفوس نقية تعبد الله وتبتعد عن الكراهية.
- لذلك، فإن الله يثيب عباده على التسامح والعفو، حيث تقدم الأديان بصفة عامة حلولًا أخلاقية، بينما تقوم القوانين بتجريم الأفعال غير المقبولة فقط.
- كما أن الأديان السماوية الثلاثة جاءت لتوجيه الإنسان نحو عبادة الله وحده، مما ساعد على الارتقاء بإنسانيته.
القناعة كركيزة للتسامح في الإسلام
- تتطلب قيمة التسامح الدعوة إلى حرية الاعتقاد، مما يرسخ مبدأ القناعة المبنيّة على العقل والمنطق، ويعتبر ذلك دليلاً قويًا للرد على ادعاءات انتشار الإسلام عنوة.
- يعتبر الإسلام التسامح عنوان الضمير الإنساني، حيث يدعو الناس للتأمل والتفكر في آيات الله.
- كما أن التسامح يعد وصية إلهية لرسول الرحمة محمد صلى الله عليه وسلم، حيث وردت في سورة الأحزاب إشارات إلى ترك أذى الكفار، مما يظهر الطابع السلمي للإسلام، وتجلى ذلك أيضًا في قوله يوم فتح مكة “فأذهبوا فأنتم الطلقاء”.
تعزيز العدل والمعروف
- حددت قيم التسامح مبدأ العدل والمعروف كواجبات إنسانية يجب التقيد بها، مما يعزز الثقافة الحضارية والأخلاقية في تاريخ البشرية.
- من خلال نشر مفهوم التسامح، يتسنى التعريف للحضارات التي كانت تعتمد على العنف، وإظهار الفرق بين الحضارة والبدائية.
- مثالًا على ذلك، كان هناك خلاف بين علي بن أبي طالب ويهودي أمام عمرو بن الخطاب حول درع، حيث حكم الفاروق لصالح اليهودي لأنه كان أكثر ليونة في حجته، ثم أعاد الدرع لعلي بعد ذلك.
بالإضافة لذلك، يمكنكم الاطلاع على:
احترام المساواة
- يُثمر وجود التسامح، كما أكد الإسلام، نوعًا من المساواة بين مختلف طبقات المجتمع دون تمييز على أساس الدين أو اللون أو النوع، مما يؤدي إلى بناء مجتمع قوي ومتماسك.
- يساهم التسامح في تحقيق المساواة في الحقوق والواجبات نحو جميع المواطنين، من خلال اعتماد مبدأ المواطنة كمعيار رئيسي وعام.
- تعتبر المساواة التي دعا إليها الإسلام وسيلة فعّالة لبناء مجتمع خالٍ من الجرائم ويعم فيه الإخاء، كما انعكست خلال فترة النبوة حيث زالت الفروقات بين المهاجرين والأنصار.
- من أبرز مظاهر هذه المساواة، عرض أحد الأنصار زوجته على المهاجر للزواج منها بعد طلاقها إذا أراد ذلك.
- يشهد التاريخ موقف النبي صلى الله عليه وسلم عندما كان يُنظم صفوف المقاتلين، حيث طلب أحدهم القصاص بعد أن وخزه النبي بعصاه، ليظهر تسامحه بتركه للقصاص، مما دفع الصحابي إلى تقبيل بطنه تعبيرًا عن محبته وتقديره.