أنواع زكاة المال
زكاة النقود
تفرض الزكاة في النقود بشكل واضح بين جميع الفقهاء، سواء كانت هذه النقود عبارة عن أوراق نقدية أو ذهب أو فضة. يتعين على المسلم الالتزام بكيفية حساب الزكاة بالطريقة الصحيحة. وقد نصت الشريعة على أهمية إخراج زكاة النقود بشكل خاص. قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (ما مِن صاحِبِ ذهبٍ ولا فضةٍ، لا يؤدّي مِنها حقّها، إلا إذا كان يوم القيامة، صُفّحت له صفائحُ من نار، فأُحميَ عليها في نار جهنّم، فيُكوى بها جنبه وجبينه وظهره، كلما بردت أُعيدت له، في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، حتى يُقضى بين العباد، فيرى سبيله، إما إلى الجنة). في القرآن الكريم، ورد تحذير من اكتناز المال دون إنفاقه في سبيل الله -عز وجل-، قال -تعالى-: (والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم * يوم يُحمى عليها في نار جهنم فتُكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم هذا ما كنزتم لأنفسكم فذوقوا ما كنتم تكنزون).
يتم إخراج زكاة النقود من الذهب أو الفضة أو الأوراق النقدية على النحو التالي:
- زكاة الذهب: تُخرج الزكاة من الذهب إذا بلغ نصاب عشرين ديناراً، أي ما يعادل 85 جراماً، ويمر عليه الحول. وتكون الزكاة بنسبة ربع العشر (2.5%)، يمكن إخراجها ذهبًا أو قيمتها نقدًا.
- زكاة الفضة: يجب إخراج زكاة الفضة عند بلوغ 642 جراماً حسب رأي الجمهور، ويجب أن تمضي سنة كاملة. تُخرج أيضًا ربع العشر (2.5%)، ويمكن إخراجها كفضة أو كقيمتها نقدًا.
- زكاة النقود الورقية: تحسب زكاة النقود الورقية على أنها تساوي قيمة الذهب. عند وصول قيمتها لما يعادل 85 جرامًا من الذهب، يخرج ربع العشر (2.5%) من قيمتها. بعض الفقهاء أيضًا يحتسبها مقابل الفضة دون أن يكون هناك مشكلة في ذلك.
زكاة عروض التجارة
تجب الزكاة على السلع، والعقارات، والحيوانات وغيرها من الأشياء المعدة للتجارة، التي تعرف بعروض التجارة. يخرج منها النقد مثل الأوراق النقدية، أو الذهب والفضة. يقوم صاحبها بتقدير قيمتها بالذهب عند حولان الحول ثم يخرج منها ربع العشر. يُشترط لتلك الزكاة وفقًا لما سبق شرطين: الحول ونية التجارة. هناك بعض الفقهاء من يضيفون شروطًا أخرى، نستعرضها فيما يلي:
- الشرط الأول: بلوغ النصاب: هذا شرط متفق عليه عند الجمهور، حيث يتم تعديل نصاب العروض وفقًا لنصاب الذهب أو الفضة بعد تحويل قيمة العروض إلى أحدهما.
- الشرط الثاني: حولان الحول: ينبغي أن يمر عامٌ كاملٌ على قيمة السلع منذ أن تمتلكها. يُعتبر الحنفية والمالكية أن النصاب يجب أن يبلغ في بداية ونهاية الحول، بينما الشافعية يعتقدون بوجوب بلوغ النصاب في آخر الحول، سواء كانت في البداية.
- الشرط الثالث: نية التجارة: يتعين أن ينوي الشخص التجارة بها عند الشراء، ويشترط الشافعية بأن يُذكر هذا في عقد الشراء أو خلال مجلس العقد. كما يُشترط تجديد النية لكل عقود الشراء حال الرغبة في التجارة.
- الشرط الرابع: ملك العروض بعقد معاوضة: هذا شرط عند الجمهور دون الحنفية، ويعني دخول العروض ذمة التاجر عن طريق عقد، مثل الشراء، أو الإيجار.
- الشرط الخامس: عدم استخدام المال للاقتناء: بمعنى أن يُستخدم للأغراض الشخصية دون التجارة، فلا زكاة عليه.
- الشرط السادس: عدم تحول المال إلى نقد طوال الحول دون النصاب: هذا شرط خاص بالشافعية، إذ يُسقطون زكاة العروض التي تحولت إلى نقد ولم تبلغ نصاباً.
- الشرط السابع: منع تعلق الزكاة بعين العرض: لأنه إذا تعلقت بأعيان السلع، تصبح كزكاة النقود أو زكاة الأنعام.
يتم تقويم هذه العروض التجارية لإخراج الزكاة في نهاية كل عام بناءً على سعرها في وقت إخراج الزكاة وليس وفق سعر الشراء، بجمع جميع العروض المملوكة مهما كانت أنواعها، لإخراج 2.5% من قيمتها.
زكاة الأنعام
تشمل الأنعام حيوانات البهائم التي لا تتكلم، مثل الغنم، والإبل، والبقر، والماعز. تجب الزكاة عليها عند توافر شروط معينة نذكرها كالتالي:
- الشرط الأول: بلوغ النصاب: وهو مُعتد به في زكاة أي صنف من أصناف المال. وسنوضح أنصبة الأنعام لاحقًا.
- الشرط الثاني: حولان الحول: أن يمر عام كامل على بلوغها النصاب. يشتمل الحديث الشريف عن ابن عمر -رضي الله عنه- على أنه: (مَن استفاد مالًا فلا زكاة فيه حتى يحول عليه الحول عند ربه).
- الشرط الثالث: أن تكون سائمة: أي ترعى في الأرض طوال الحول أو جزء كبير منه. بينما الأنعام المعلوفة لا تجب فيها الزكاة.
- الشرط الرابع: أن لا تكون عاملة: مثل الحيوانات التي تُستخدم في الحراثة أو نقل الأمتعة، هذه الأمور تُعتبر من حاجات الإنسان ولا زكاة فيها.
نستعرض فيما يلي أنصبة زكاة الأنعام حسب أصنافها:
- الصنف الأول: نصاب الإبل:
- من 1 إلى 4: ليس فيها شيء.
- من 5 إلى 24: في كل 5 شاة واحدة؛ أي من يملك 24 يخرج 4 شياه.
- من 25 إلى 35: بنت مخاض أو ابن لبون.
- من 36 إلى 45: بنت لبون.
- من 46 إلى 60: حقة.
- من 61 إلى 75: جذعة.
- من 76 إلى 90: بنتا لبون.
- من 91 إلى 120: حقتان.
- 121 فأكثر: لكل 40 يخرج 4 بنات لبون، ولكل 50 يخرج حقة.
- الصنف الثاني: نصاب البقر:
- من 1 إلى 29: لا شيء فيها.
- من 30 إلى 39: فيها تبيع أو تبيعة.
- من 40 إلى 59: فيها مسنة.
- وهكذا في كل ثلاثين تبيع أو تبيعة، وفي كل أربعين مسنّة.
- الصنف الثالث: نصاب الغنم:
- من 1 إلى 39: لا شيء فيها.
- من 40 إلى 120: فيها شاة واحدة.
- من 121 إلى 200: فيها شاتان.
- من 201 إلى 301: فيها ثلاث شياه.
- وهكذا في كل مئة شاة واحدة.
زكاة الزروع والثمار
تجب زكاة الزروع والثمار بالإجماع عند علماء المسلمين إذا بلغت خمسة أوسق، وهو ما يعادل 611 كيلو غرام، كما جاء في حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة). تختلف زكاة الزروع والثمار عن أنواع الزكاة الأخرى في عدم اشتراط حولان الحول، حيث تُزكى عند الحصاد. قال -تعالى- في سورة الأنعام: (وَالنَّخلَ وَالزَّرعَ مُختَلِفًا أُكُلُهُ وَالزَّيتونَ وَالرُّمّانَ مُتَشابِهًا وَغَيرَ مُتَشابِهٍ كُلوا مِن ثَمَرِهِ إِذا أَثمَرَ وَآتوا حَقَّهُ يَومَ حَصادِهِ). يُجب أن يتم إخراج الزكاة من النصاب المذكور أعلاه، ومنها ما اتفق عليه الفقهاء ومنها ما اختلفوا حوله، ويمكن توضيحه كالتالي:
- أصناف اتفق عليها الفقهاء: من الثمار: التمر والعنب، ومن الزروع: القمح والشعير.
- أصناف اختلف فيها الفقهاء:
- يرى أبو حنيفة بوجوب الزكاة في جميع الأصناف المزروعة لغرض استغلالها، بما في ذلك جميع الخضراوات والفواكه.
- يدعو الإمام مالك إلى التفريق بين الحبوب والثمار، حيث يقصر الثمار على التمر والعنب ويعتمد مع الحبوب أنواعًا أخرى.
- يرى الإمام الشافعي أن الزكاة تقتصر على العنب والتمر فقط، بينما تقتصر الحبوب على الأصناف الأساسية في الغذاء.
زكاة المعادن والركاز
تجب الزكاة في المعادن والركاز، قبل بيان كيفية إخراج زكاتها، نقدم تعريفًا مبسطًا للركاز والمعادن:
- تعريفُ الركاز: هو الشيء المدفون في الأرض، يشمل الأموال التي يتم العثور عليها في باطن الأرض دون جهد في الحصول عليها، سواء كانت ذهبًا أو فضة.
- تعريفُ المعادن: هي كل ما يُستخرج من الأرض ويتمتع بقيمة، مثل الذهب، والفضة، والحديد، وغيرها.
يتم التمييز بين المعادن والركاز في الزكاة؛ حيث حددت السنة النبوية مقدار زكاة الركاز بالخمس، دون المعادن، في الحديث الذي رواه الإمام البخاري عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (والمَعْدِنُ جُبارٌ، وفي الرِّكازِ الخُمُسُ). يُخرج المستخدم ربع العشر (2.5%) من المعادن حسب قيمتها، في حين تخرج زكاة الركاز عن كل ما يُستخرج من الأرض كما تم شرحه.
حكمة مشروعية الزكاة
تتعدد الحكم والفوائد من مشروعية الزكاة، ومنها:
- تعزيز وجود العطاء والتخلي عن البخل والطمع، كما جاء في قوله تعالى: (خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها).
- تضييق الفجوة بين الفقراء والأغنياء، مما يمنع احتكار الأموال.
- قد تسهم الزكاة في تقليل البطالة من خلال تمكين الفقراء من بدء أعمالهم الخاصة.
- تحقيق التكافل الاجتماعي بين أفراد المجتمع من خلال مساعدة الأغنياء للفقراء، مما يعزز الألفة والمودة.