تعريف الرابطة التساهمية
تُعد الرابطة التساهمية واحدة من أنواع الروابط الكيميائية المهمة، حيث تعتبر من أقوى الروابط التي تربط بين الذرات. تتحقق هذه الرابطة من خلال مشاركة ذرتين أو أكثر في زوج أو أكثر من الإلكترونات، مما يساهم في الوصول إلى حالة التوازن والاستقرار الكيميائي. ينتج هذا الترابط بفعل الجذب الإلكتروستاتيكي، حيث تتشكل الرابطة التساهمية عندما تكون الطاقة الكلية للذرات المترابطة أقل من الطاقة الموجودة في الذرات المفردة.
تميل الذرات إلى تبادل أو مشاركة أزواج الإلكترونات لتحقيق ما يُعرف بقاعدة الثمانية (بالإنجليزية: octet rule). وهذه القاعدة الكيميائية تنص على أن الذرات تميل للارتباط حتى يصبح عدد الإلكترونات في غلافها الخارجي عشرة إلكترونات، مما يعزز استقرار الجزيئات حيث تكون جميع المدارات ممتلئة.
أنواع الروابط التساهمية وفقاً لعدد أزواج الإلكترونات
يتحدد نوع الرابطة التساهمية المتكونة بين ذرتين بناءً على عدد أزواج الإلكترونات المشتركة بينهما، وفيما يلي توضيح لأنواع هذه الروابط:
الرابطة الأحادية (Single Bond)
تشير إلى الرابطة التي تشارك فيها كل ذرة بزوج واحد فقط من إلكترونات الغلاف الخارجي (إلكترونات التكافؤ). ومن الأمثلة على ذلك الرابطة الأحادية بين ذرات الهيدروجين (H2) والتي يمكن تمثيلها بالصورة (H–H). يُعتبر هذا النوع من الروابط الأضعف مقارنةً بالروابط الثنائية والثلاثية، ولكنه الأكثر استقراراً.
الرابطة الثنائية (Double Bond)
تمثل الرابطة التي تشارك فيها كل ذرة بزوجين من إلكترونات التكافؤ، أي أربعة إلكترونات. ومن الأمثلة على هذه الرابطة الرابطة الثنائية بين ذرات ثاني أكسيد الكربون (CO2)، والتي يمكن تمثيلها بالصورة (O=C=O). يُعتبر هذا النوع من الروابط أقوى من الرابطة الأحادية ولكنه أقل استقراراً.
الرابطة الثلاثية (Triple Bond)
تُشير إلى الرابطة التي تشارك فيها كل ذرة بثلاثة أزواج من إلكترونات التكافؤ، أي ستة إلكترونات. ومن الأمثلة عليها الرابطة الثلاثية بين ذرات غاز النيتروجين (N2)، ويمكن تمثيلها بالصورة (N≡N). يعتبر هذا النوع من الروابط الأضعف بين الأنواع الثلاثة العامة للرابطة التساهمية.
أنواع الروابط التساهمية بحسب القطبية
تنقسم الروابط التساهمية إلى قسمين بناءً على قطبيتها:
- الروابط التساهمية القطبية: تُنشأ هذه الروابط عندما لا تكون الإلكترونات المشتركة بين الذرات موزعة بالتساوي، مما يعني أن كل ذرة تمتلك كهروسالبية مختلفة. وبالتالي، تمتلك الذرات ذات الطاقة الكهروسالبية الأعلى قوة جذب أكبر للإلكترونات، مما يجعل الإلكترونات المشتركة تقترب من الذرة ذات القدرة الكهربائية الأعلى. ومن الأمثلة على هذه الروابط: الماء (H2O) والأوزون (O3) والكبريتيد (S2−).
- الروابط التساهمية غير القطبية: تتكون هذه الروابط عندما تشارك الذرات إلكتروناتها بشكل متساوٍ، بحيث تمتلك جميع الذرات نفس مقدار الطاقة الكهروسالبية لأنها تنتمي لنوع واحد من العناصر. ويؤدي ذلك إلى إلغاء تأثير الكهروسالبية، مما يجعل الذرات ترتبط بالتساوي. تحدث هذه الروابط عادة في جزيئات الغاز، ومن الأمثلة عليها غاز الهيدروجين (H2) وغاز النيتروجين (N2).
أنواع الروابط الكيميائية القوية
تتشكل الروابط الكيميائية القوية من خلال انتقال الإلكترونات أو من خلال التجاذب الكهروستاتيكي بين الذرات، وتمتد العلاقة حتى يتم الوصول إلى حالة الاستقرار للذرة، وهي الحالة التي لا تحتاج فيها الذرات إلى التفاعل لوجود توازن داخلي. تشكل الذرات مع بعضها أنواع متنوعة من الروابط، بما في ذلك الرابطة التساهمية التي تم الإشارة إليها سابقاً، أما الأنواع الأخرى فهي كما يلي:
- الرابطة الأيونية: تحدث هذه الرابطة عندما تتخلى ذرة عن أحد إلكتروناتها لصالح ذرة أخرى بغية تحقيق الاستقرار الإلكتروني لكليهما. يغير هذا النوع من التفاعل الخصائص الكيميائية للذرات بعكس الروابط التساهمية، وعادة ما تشمل الروابط الأيونية تفاعل معدن مع ذرة غير فلزية. ومن أبرز الأمثلة على هذه الرابطة هو ملح الطعام (كلوريد الصوديوم).
- الرابطة المعدنية: تعتبر الرابطة المعدنية النموذج الرئيسي للروابط الكيميائية التي تتكون بين ذرات المعادن. من الناحية الكيميائية، تُعتبر المعادن مانحة للإلكترونات، حيث تحتاج إلى التخلي عن الإلكترونات لتصل إلى حالة مستقرة (مبدأ الرابطة الأيونية). ومع ذلك، نظراً لأن المعادن محاطة بذرات معدنية أخرى لا ترغب في قبول تلك الشحنات الكهربائية، فإن الإلكترونات تتجمع لتوزع على جميع الذرات، مما يؤدي إلى تكوين رابطة تساهمية، وتتميز الروابط المعدنية بطاقة أقل مقارنة بالنوعين السابقين، مما يجعلها أكثر استقراراً.