أنواع المدح في الإسلام
يُعرَف المدح في اللغة بأنه التمدد أو الاتساع في شيء ما، مثلما يُقال “انمدحت الأرض”، أي اتسعت. أما في الاصطلاح، فإن المدح يُعتبر نقيض الهجاء، حيث يعني التوسع في ذكر الصفات الحميدة سواء في الخلقة أو الأخلاق. وتجدر الإشارة إلى أن المدح لا يتساوى في الحكم، فهناك مدح يُستحسن وآخر يُستبعد.
المدح المحمود
المدح المحمود هو ذلك المدح الذي يبين صفات الخير في الآخرين، ولكنه خاضع لضوابط شرعية، ومن أهمها:
- الصدق: يجب أن يكون المدح صادقًا ولا يُنسب للممدوح ما ليس فيه، وإلا يعدّ المادح كاذبًا.
- التوسط: ينبغي عدم الإفراط في الثناء على الممدوح.
- الحذر من فتنة الممدوح: يجب ألا يؤدي المدح إلى غرور الممدوح أو شعوره بالعظمة، أو أن يُسبب له فتورًا في العبادة.
- الالتزام بما ورد عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: حيث قال: “مَن كانَ مِنكُم مَادِحًا أخَاهُ لا مَحَالَةَ، فَلْيَقُلْ: أحْسِبُ فُلَانًا، واللَّهُ حَسِيبُهُ…” مما يعني أنه يتحدث بما يعلم هو فقط، فالعلم الحقيقي للممدوح عند الله -تعالى-.
- التأكد من عدم استخدام المدح كوسيلة للوصول إلى مصالح شخصية، بشكل يُشبه الرشوة.
وقد كان المدح المحمود منهجًا نبويًا، فاستخدمه النبي -صلى الله عليه وسلم- في مدح بعض صحابته، حيث أطلق عليهم ألقابًا مثل قبل المبشرين بالجنة وأهل بدر، وغيرها. كما مدح أفرادًا لشجاعتهم وأمانتهم وحسن تلاوتهم.
المدح المذموم
المدح المذموم هو ذلك الذي يتضمن الكذب أو النفاق، مما قد يزيد من كبر الممدوح وتجبره. كما يُعتبر المدح مذمومًا عندما يُستغل كنقطة اكتساب لمصالح، لذا قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: “أَمَرَنَا رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، أَنْ نَحْثِيَ في وُجُوهِ المَدَّاحِينَ التُّرَابَ”.
تتجلى مظاهر المدح المذموم في عدة أمور، منها:
- عندما يحدث المدح في وجود الممدوح، وهو الأمر الذي قد يؤدي إلى مفاسد.
- المبالغة في المدح، بحيث تبلغ حد الكذب، كما ورد عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: “إياكم والتمادُحَ، فإنه الذَّبْحُ”.
- مدح الظالمين باعتبارات معينة، مما يساعدهم في فسادهم.
- مدح من لا يُعرَف حاله من الصلاح أو الفساد.
مدح النفس
لا يُعتبر مدح النفس غير محمود ما دامت النية واضحة، والشخص صادق فيما يقول، متحدثًا عن نعمة الله عليه، كما جاء في قوله -تعالى-: ﴿وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ﴾. ونبي الله يوسف -عليه السلام- ضرب مثالاً عندما قال: ﴿قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَآئِنِ الأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ﴾.
كما يُمكن الإشارة إلى مدح عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- لنفسه بعلومه في القرآن الكريم، حيث قال: “وَاللَّهِ الذي لا إلَهَ غَيْرُهُ، ما أُنْزِلَتْ سُورَةٌ مِن كِتَابِ اللَّهِ إلَّا أنَا أعْلَمُ أيْنَ أُنْزِلَتْ، ولَا أُنْزِلَتْ آيَةٌ مِن كِتَابِ اللَّهِ إلَّا أنَا أعْلَمُ فِيمَ أُنْزِلَتْ…”