الأسباب التي دعت الرسول لاختيار دار الأرقم
اجتمع المسلمون في دار الأرقم بن أبي الأرقم، وقد كان الخيار لهذا المكان من قبل النبي الكريم -صلى الله عليه وسلم- مبنيًا على عدة أسباب، نستعرض منها ما يلي:
- الموقع الاستراتيجي للدار
تقع دار الأرقم عند سفح جبل الصفا، وهو موقع يسهل الوصول إليه من قبل سكان مكة، مما يمنح المسلمين فرصة للاجتماع دون أن يلفتوا الأنظار إليهم.
- صلة الأرقم بمؤسسة بني مخزوم
فالأرقم ينتمي إلى بني مخزوم الذين يعتبرون من قبائل منافسة لبني هاشم، مما يجعل الأمر غير متوقع أن يتخذ أبناء مخزوم بيتهم مركزًا للدعوة الإسلامية التي يقودها الرسول -صلى الله عليه وسلم-.
- صغر سن الأرقم -رضي الله عنه-
كان عمره عند تلك الفترة ستة عشر عامًا، وهو سن يُعتبر غير معتاد لاجتماع عدد من الناس في منزل شخص في هذا العمر.
- عدم انتشار إسلام الأرقم بين أهل مكة
انطلق النبي -صلى الله عليه وسلم- لدعوته المباركة بسرية في البداية، حيث بدأ بنشرها بين أقرب المقربين إليه، واختار من يثق في صدقهم وكتمانهم للأمر. وقد سار الصحابة الأوائل على هذا المنوال، وهو نهج حكيم وعقلاني.
استمر الوضع على هذا الحال خلال السنوات الثلاث الأولى من الدعوة السرية، وبعد إعلان الدعوة كان لا بد من توخي الحذر في بعض جوانب حياتهم، من بينها كتمان مكان اجتماع المسلمين لتعليمهم دينهم.
معلومات عن دار الأرقم
تعرف دار الأرقم أيضًا بدار الخيزران ودار الإسلام، وهي تقع كما ذكرنا سابقًا عند جبل الصفا. وقد تصدق الأرقم -رضي الله عنه- بها على ابنه بعد ظهور الإسلام، لكنه اشترط بعدم توارثها أو بيعها، واستمر هذا الوضع حتى فترة خلافة أبي جعفر. ويعد الأرقم سابع مسلم أسلم في الإسلام.
اسم صاحب دار الأرقم
صاحب الدار هو الأرقم بن عبد مناف -المعروف بأبي الأرقم- من قبيلة أسد المخزومية، وقد شهد غزوة بدر وما بعدها، وتوفي في عام 53 هجريًا عن عمر يناهز 83 عامًا.
قصص بعض الصحابة الذين أسلموا في دار الأرقم
تعتبر دار الأرقم مهد الدعوة الإسلامية الأولى، حيث أسلم فيها العديد من الصحابة، ومن أبرزهم:
عمر بن الخطاب رضي الله عنه
كان عمر بن الخطاب من أبرز المعارضين للدعوة الإسلامية، وكان ينافسه في ذلك أبو جهل. كان إسلامه مفاجأة لأهل مكة والمسلمين على حد سواء، ويمكن تلخيص مراحل إسلامه بالطريقة التالية:
- قرر عمر أن يتوجه بسيفه لقتل النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه.
- قابل أحد الصحابة الذي حاول ثنيه عن ذلك عن طريق تخويفه من عواقب هذا الفعل.
- بعدما رفض عمر التحذيرات، كشف الصحابي عن إسلام أخت عمر وزوجها، ليدعوه للتفكير في عائلته أولاً.
- انتقل غضب عمر إلى منزل أخته بعدما سمع بذلك.
- عندما وصل، كان خباب بن الأرت يعلمهم سورة (طه)، ولما علموا بوجود عمر اختبأ خباب وأخفت فاطمة الصحيفة.
- تساءل عمر عما سمعه، فنفت فاطمة ذلك.
- اعتدى عمر على زوج أخته وضربها حتى أدمى وجهها.
- وقفت فاطمة بثبات مسلم وأخبرته أنهما أسلما، وأن يفعل ما يشاء.
- عندما رأى عمر الدماء على وجه أخته، أحس بالخجل وطلب منها الكتاب ليقرأه، لكن فاطمة طلبت منه أن يغتسل أولاً.
- امتثل عمر لأمر أخته وأخذ الكتاب، وعندما قرأ بعض الآيات، أعجب بكلام الله وتأثر به.
- خرج خباب بن الأرت للحضور مع عمر إلى النبي محمد -صلى الله عليه وسلم-.
- ذهب عمر إلى دار الأرقم وهو لا يزال يحمل سيفه.
- خاف الصحابة على حياة النبي عند رؤيتهم لعمر بهذا الشكل.
- أمر النبي بإدخاله دون تدخل أي من الصحابة، حتى عمّه حمزة.
- اقترب النبي من عمر، أمسكه من رداءه وهزه، وسأله عن سبب قدومه، فأجابه عمر بأنه جاء ليعتنق الإسلام، فكبر النبي -صلى الله عليه وسلم-.
عمار بن ياسر وصهيب الرومي رضي الله عنهما
كان عمار وصهيب من المستضعفين في مكة، حيث لم تكن لديهم قبائل تحميهم، التقيا في دار الأرقم وسألا بعضهما عن سبب قدومهما، فقال عمار: جئت لأسمع من محمد، فقال صهيب: وأنا كذلك. وبعد دخولهم وسماعهم لكلام النبي -صلى الله عليه وسلم- عرض عليهم الإسلام فدخلا فيه، وبقيا في الدار حتى المساء قبل أن يغادرا خلسة.
مصعب بن عمير رضي الله عنه
عرف مصعب بأنه كان من أجمل شباب مكة وأكثرهم أناقة، وكانت والدته غنية، تحبه وتكرمه. سمع مصعب بأن النبي -صلى الله عليه وسلم- يدعو للإسلام في دار الأرقم، فذهب إليه وأعجب بدعوة الإسلام، لكن والدته عندما علمت بالأمر حبسته وعذبته حتى يعود عن دينه، لكنه لم يرضخ لذلك، واستمر محبوسًا حتى هجر إلى الحبشة.