تعريف الهداية
تتعدد التعريفات المتعلقة بمفهوم الهداية. وفيما يلي توضيح لمفهوم الهداية من الناحيتين اللغوية والاصطلاحية:
- تعريف الهداية لغوياً: تُشتق من الفعل الثلاثي “هَدَى”، ويعني الوصول إلى الغاية أو الإرشاد نحو المطلوب، كما يُستخدم أحياناً للدلالة على الطريق الصحيح.
- تعريف الهداية اصطلاحاً: تُعرف الهداية بأنها الإرشاد والرشاد، وتقديم المعلومات حول الطريق المستقيم.
أنواع الهداية
تتوزع الهداية إلى أنواع متعددة وأقسام مختلفة، حيث قام الله -عز وجل- بتفصيلها في القرآن الكريم. تتضمن هذه الأنواع الهداية الخاصة والعامة، بالإضافة إلى الهداية التي تشمل الحيوانات على اختلافها والهداية المخصصة للإنسان فقط. نستعرض فيما يلي تفاصيل أنواع الهداية كما جاءت في القرآن:
- الهداية العامة: تُعتبر هذه الهداية هي الأكثر شمولاً، حيث تشمل جميع الكائنات الحية. تهدف إلى توجيه الكائنات بما يُفيدها ويساعدها في تجنب ما يضرها، وتحقيق مصالحها وعمل احتياجاتها الأساسية. يقول الله تعالى: (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى*الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى*وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى). في هذه الآية، يُشير الله إلى أربعة جوانب هامة من خلق الكائن الحي: الخلق، التقدير، التسوية، والهداية. فالتسوية تُعتبر جزءًا من الخلق، في حين أن الهداية جزء لا يتجزأ من التقدير. يشمل الخلق والتسوية كل الكائنات الحية، مثلما ذكر الله -سبحانه-: (ثُمَّ اسْتَوَىٰ إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ ۚ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ). كما تُظهر الهداية كيفية تشكل الجنين داخل بطن أمه، وهداه للخروج عند الوقت المناسب.
- هداية الدلالة والبيان: تُعتبر هذه الهداية أكثر تخصصاً من الهداية العامة، حيث تُعنى بالمكلفين من الأنبياء الرسل، الذين يحملون الرسالات إلى شعوبهم. وقد أكد الله -عز وجل- هذا النوع من الهداية لنبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- بقول: (وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ). تُعد هداية الدلالة والبيان الأساس الذي بُنيت عليه تكاليف الله، وذلك لتبليغ الرسالة إلى عباد الله. يتضح ذلك في قوله: (وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا). كما يُشير إلى دور الفطرة في الإيمان بالرسل وأن من حُرم هذا يكون معفيًا من العقوبات.
- هداية التوفيق والإلهام: تمثل هذه الهداية نوعًا خاصًا، فالله -عز وجل- وحده من يهبها للعباد. لا يملكها نبي أو ملك، لكن يُلقي الله -سبحانه- في قلوب من يشاء من عباده، فيوجههم لأعمال الطاعة. أشار الله -سبحانه- إلى هذا النوع من الهداية في قوله: (قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ*يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ). وقد ذكر الله شروط الحصول على هذه الهداية، وهما أمر من الله وإقبال العبد عليه بالطاعات.
- الهداية إلى الجنة أو النار: تُعتبر هذه الهداية خاصة بالأشخاص الذين أفلحوا في الآخرة. فالشخص الذي حصل على الهداية في الدنيا سيُهدي إلى الصراط الذي يقود إلى الجنة يوم القيامة. يقول الله تعالى: (إِنَّ الَّذينَ آمَنوا وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ يَهديهِم رَبُّهُم بِإيمانِهِم). في حين أن الهداية إلى النار تخص الذين عارضوا سبيل الله.
ثمار الهداية
تحمل الهداية الكثير من الفضائل والفوائد التي يدركها من ينالها. وفيما يلي بعض من ثمار الهداية التي تعود بالنفع على الشخص:
- يشعر العبد بالطمأنينة واليقين في الاعتماد الكامل على الله في شتّى جوانب حياته، مما يعزز ثقته في تدبير شؤونه.
- الرفعة والمكانة العالية بين الناس، حيث يرفع الله -سبحانه- أهل التقوى والإيمان في المجتمعات.
- الحماية من الأخطاء والزلّات، حيث يقي الله عباده من الوقوع في المشاكل التي قد تحدث بسبب ممارسات خاطئة.
- البركة في الرزق، حيث وعد الله -سبحانه- أهل التقوى بزيادة الرزق ووسيعته، إذ قال: (وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا*وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ).