أهمية حسن الاستماع في حياة الرسول
تجلى التميز في صفات الرسول صلى الله عليه وسلم من خلال العديد من الآداب الحميدة، حيث نُذكره بمكانته الرفيعة وأخلاقه الكريمة التي جعلته قائدًا ناجحًا للمسلمين وموضع احترام حتى لدى غيرهم. من أبرز تلك الصفات: الابتسامة، الرحمة، الصبر، التسامح، وحسن الخطاب، بالإضافة إلى مهارة حسن الاستماع.
يعد حسن الاستماع من الخصائص الفريدة التي تعكس شخصية قائمة على الاهتمام والتفاعل الإيجابي مع الآخرين. وقد وردت العديد من المواقف التي تقدم أدلة على هذا الأمر، حيث يُظهر الرسول محمد صلى الله عليه وسلم استماعه حتى للذين يعارضونه، وحرصه على الاستماع لآراء الرجال والنساء على حد سواء.
نماذج من أسلوب حسن الاستماع لدى الرسول
استماع الرسول للمشركين أثناء الدعوة
تتناقل الأحاديث قصة عتبة بن ربيعة الذي جاء إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، وقال له: “يا ابن أخي، إنك في مقام معروف بين قومك بسبب مكانتك وعقبك، فاستمع مني لأعرض عليك بعض الأمور لعلها تلقى قبولاً لديك”. فأجابه صلى الله عليه وسلم: “تكلم يا أبا الوليد، أنا أصغي إليك”.
استمر عتبة في حديثه عن الأموال، وما يمكن جمعه لتحقيق مصالح دنيوية، وبعد أن أنهى حديثه، قال الرسول صلى الله عليه وسلم: “أفرغت يا أبا الوليد؟”، وعندما أجابه بالإيجاب، قال له: “فاستمع مني”، ليبدأ بعدها بتلاوة القرآن.
تعتبر هذه القصة مثالًا رائعًا يظهر فن الاستماع لدى النبي صلى الله عليه وسلم، حيث جاء عتبة بن ربيعة ليثنيه عن دعوته، لكن الرسول استمع إليه بشكل كامل قبل أن يعبر عن رأيه. إن هذه التوجه في الاستماع يعكس أرقى معاني الأدب.
استماع الرسول لآراء الشورى
جاء في قصة صلح الحديبية أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد شعر بالحزن بسبب عدم قدرة المسلمين على التحلل من الإحرام، على الرغم من شوقهم إلى زيارة الكعبة. اقتربت منه أم سلمة مقترحةً عليه أن يبدأ بالتحلل، واستجاب النبي صلى الله عليه وسلم لنصيحتها؛ مما دفع الصحابة ليتبعوه في ذلك، وهو ما يعكس بوضوح أثر حسن استماعه وتقبله لرأي الآخرين وكيف ساهم في نجاح مسعاه.