تُعتبر العشر الأوائل من شهر ذي الحجة من الأيام المباركة التي تحمل فضائل عظيمة. يُستحسن في هذه الأيام تعزيز الأعمال الصالحة، والاقتراب من الله تعالى، وتلاوة القرآن الكريم. من خلال هذا المقال، سوف نتناول سؤالاً هاماً: هل فضل العشر من ذي الحجة مقتصرٌ على النهار فقط؟
هل فضل العشر من ذي الحجة يقتصر على النهار فقط؟
كلا، فإن فضل العشر من ذي الحجة لا يقتصر على النهار فحسب، بل يمتد ليشمل الليل أيضاً. حيث وردت في القرآن الكريم وفي الأحاديث النبوية الشريفة العديد من الآيات والأحاديث حول فضل هذه الأيام. فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام” التي يُقصد بها أيام العشر. وعندما سُئل: أحتى الجهاد في سبيل الله؟ أجاب: “ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجلٌ خرج بنفسه وماله، فلم يرجع بشيء”.
وهكذا يتضح من حديث النبي صلى الله عليه وسلم أن فضل العشر من ذي الحجة ليس محصوراً في النهار فقط.
أجمع الفقهاء على أن الأجر والثواب في أيام العشر من ذي الحجة عظيم، حيث يضاعف الله عز وجل فيها العمل الصالح، ويُستحسن إظهار الاجتهاد في الأعمال وتقديم القربات إلى الله مثل الصيام، القيام، الحج، الأذكار، الاستغفار، والصدقة.
الأعمال المستحبة خلال العشر من ذي الحجة
تُعتبر العشر من ذي الحجة من أعظم الأيام المباركة عند الله عز وجل. لذا، يجب على المسلم استثمار هذه الأيام في التوبة والتقرب إلى الله. ومن أبرز الأعمال المستحبة في هذه الأيام:
- الصيام: أوصى النبي صلى الله عليه وسلم بالعمل الصالح في العشر من ذي الحجة، واعتبر الصيام من أفضل العبادات، حيث كان النبي صلى الله عليه وسلم يصوم تسعة أيام من ذي الحجة.
-
الإكثار من التحميد والتهليل والتكبير: تُعتبر هذه الأعمال من أحب العبادات إلى الله تعالى في العشر من ذي الحجة. حيث قال تعالى: “يَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَىٰ مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ” [الحج: 28].
- أصبح التكبير في وقتنا الحاضر من السنن المهجورة، مما يستدعي إحيائه لإعادة سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذلك لما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من أحيا سنة من سنتي قد أميتت بعدي فإن له من الأجر مثل من عمل بها”.
- أداء الحج والعمرة: يعد الحج إلى بيت الله الحرام لمن استطاع ذلك من أفضل الأعمال في أيام العشر. حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة”.
- الإكثار من قراءة القرآن: يجب على المسلم الالتزام بقراءة القرآن الكريم، الذي وصفه الله تعالى بأنه هدىً للمتقين. قال الله تعالى: “ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ” [البقرة: 2].
- الصدقة: تُعتبر الصدقة من وسائل التقرب إلى الله في جميع الأوقات. وحث رسول الله صلى الله عليه وسلم على الصدقة، مُبشراً المتصدقين بعظيم الأجر، فقال: “اتقوا النار ولو بشق تمرة” وأيضاً: “سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله، وذكر منهم: رجلٌ تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه”.
- أداء الصلاة مع الجماعة: من أفضل الأعمال في العشر من ذي الحجة هي أداء الصلاة مع الجماعة، لأنها هي عماد الدين وأحد أركان الإسلام. حيث أوصى الرسول صلى الله عليه وسلم بالصلاة، فقال قبل وفاته: “الصلاة الصلاة وما ملكت أيمانكم”.
- بر الوالدين: يُعتبر بر الوالدين من أفضل القربات، فقد سُئل عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: “أي العمل أحب إلى الله؟” فقال: “الصلاة على وقتها، ثم أي؟” قال: “بر الوالدين”.
- قيام الليل: قيام الليل هو سنة مؤكدة عن الرسول صلى الله عليه وسلم، وقد حض عليها، إذ يُعتبر العبد في حالة قرب من ربه، كما أنه يُكفر السيئات.
هل صام النبي تسع ذي الحجة؟
تُظهر الأدلة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصوم الأيام التسع من ذي الحجة. فقد ورد في سنن أبي داود عن بعض أزواجه أنه كان يصوم هذه الأيام، بالإضافة إلى يوم عاشوراء، وثلاثة أيام من كل شهر (الاثنين الأول والخميس).
إن فضل العشر من ذي الحجة لا يقتصر على النهار، بل إن الله فضل هذه الأيام على سائر أيام السنة. فهي تتضمن يوم عرفة، يوم الرحمة والمغفرة، وعتق النيران. وتُضاعف الأجور والثواب فيها، ومن المستحبات في هذه الأيام الصيام والقيام، والصدقة، والإكثار من قراءة القرآن الكريم.