أمراض البنكرياس وأعراضها
فيما يلي نستعرض بعض الأنواع الشائعة للأمراض التي تؤثر على البنكرياس والأعراض المرتبطة بها:
التهاب البنكرياس
التهاب البنكرياس الحاد
يُعتبر التهاب البنكرياس الحاد (بالإنجليزية: Acute pancreatitis) حالة طبية تتمثل في حدوث التهاب أو انتفاخ للبنكرياس خلال فترة زمنية قصيرة. يُعتقد أن السبب وراء ذلك يرجع إلى خلل في الإنزيمات أو المواد الكيميائية التي يفرزها البنكرياس، مما قد يؤدي إلى محاولتها لهضم البنكرياس نفسه. هذه الحالة غالباً ما ترتبط بشرب الكحول أو وجود حصوات في المرارة. وعلى الرغم من أن معظم الحالات تتعافى في غضون أسبوع تقريبًا بدون مشاكل لاحقة، إلا أن هناك إمكانية لظهور مضاعفات خطيرة عند بعض الأشخاص الذين يعانون من التهاب حاد شديد.
أما بالنسبة للأعراض المصاحبة، فغالباً ما يشعر المريض بألم مفاجئ في الجزء العلوي من البطن، تحت عظمة القص. في بعض الحالات النادرة، قد يبدأ الألم في الجزء السفلي من البطن. تتزايد شدة الألم ليصبح ثابتًا أو مستمرًا بشكل تدريجي، وقد يتفاقم عند تناول الطعام، ليشمل الظهر أيضًا. يتميز التهاب البنكرياس الناتج عن حصوات المرارة بالتطور السريع، بينما يتطور الالتهاب بسبب الكحول بشكل أبطأ على مدار عدة أيام. ومن بين الأعراض الأخرى التي قد تظهر:
- ارتفاع أو انخفاض ضغط الدم؛ حيث يمكن أن ينخفض الضغط عند الوقوف مما يؤدي إلى الإغماء.
- استمرار الألم حتى مع تناول مسكنات قوية.
- اليرقان (بالإنجليزية: Jaundice)؛ حيث يتغير لون الجلد وبياض العينين إلى اللون الأصفر.
- حمى وإرتفاع في درجة حرارة الجسم تصل إلى 38 درجة مئوية على الأقل.
- ألم أو انزعاج عند لمس البطن.
- الشعور بالألم عند السعال والتنفس العميق والحركات الشديدة.
- تسارع نبض القلب.
- فقدان الشهية.
- الإسهال.
- الشعور بالغثيان والتقيؤ.
التهاب البنكرياس المزمن
يعرف التهاب البنكرياس المزمن (بالإنجليزية: Chronic pancreatitis) بأنه حالة التهاب مستمرة تؤدي إلى تلف هيكلي دائم مع تليُّف وضيق للقنوات. يؤثر ذلك بدوره على وظيفة الغدد الخارجية والصماء، مما يسبب قصورًا في عمل البنكرياس. السبب الأكثر شيوعًا لهذه الحالة هو تناول كميات كبيرة من الكحول لفترات طويلة.
تعتبر النوبات المتكررة من آلام البطن من الأعراض الأساسية؛ حيث يبدأ الألم في منطقة وسط البطن أو في الجهة اليسرى وقد يمتد إلى الظهر. تجدر الإشارة إلى أن هذه النوبات قد تستمر لساعات أو أيام في حالات معينة. لا يحتاج الألم إلى محفز لكي يظهر، على الرغم من أن معظم النوبات تحدث بعد تناول الطعام. في بعض الحالات يمكن أن تزداد حدة النوبات مع استمرار الشرب بعد التشخيص، وقد يعاني بعض الأشخاص من ألم مستمر يتراوح بين الخفيف والمعتدل بين النوبات، والذي قد يخف إذا قرر الشخص الإقلاع عن شرب الكحول. بالإضافة إلى الألم، قد يواجه مرضى التهاب البنكرياس المزمن صعوبات في الهضم بسبب ضعف قدرة البنكرياس على إنتاج العصارة الهضمية، مما يتسبب في ظهور براز دهني ذو رائحة كريهة.
تشمل الأعراض الأخرى:
- فقدان الوزن.
- فقدان الشهية.
- اليرقان أو اصفرار الجلد والعينين.
- أعراض مرض السكري مثل: التعب، العطش الشديد، والتبول المتكرر.
- الغثيان والتقيؤ المستمر.
للمزيد عن التهاب البنكرياس، يمكن الاطلاع على المقال التالي: (التهاب البنكرياس).
مرض السكري
يعرف مرض السكري (بالإنجليزية: Diabetes mellitus) بأنه حالة صحية تؤثر على قدرة الجسم في استخدام الطاقة اللازمة من الطعام بشكل سليم. يستخدم الجسم الطعام لإنتاج الطاقة من خلال عملية تُسمى الأيض (بالإنجليزية: Metabolism)، حيث تحتاج خلايا الجسم إلى الطعام بأبسط أشكاله لإنتاج الطاقة. الجلوكوز هو المصدر الرئيسي للطاقة، يُستخرج من الطعام والشراب المحتوي على السكريات.
الأوعية الدموية والدم تلعب دور الناقل الرئيسي للجلوكوز، حيث يُنقل من المعدة أو من الكبد إلى أماكن التخزين أو الاستخدام في العضلات. لا تستطيع الخلايا إدخال الجلوكوز بمفردها؛ لذا يقوم البنكرياس بإفراز الإنسولين، وهو هرمون يُنتج بشكل طبيعي في خلايا بيتا بالبنكرياس، مما يسمح للجلوكوز بالدخول إلى الخلايا واستخدامه كمصدر للطاقة. وبالتالي تنخفض مستوياته في الدم. أي نقص في الإنسولين يمنع دخول الجلوكوز إلى الخلايا مما يؤدي إلى ارتفاع سكر الدم (بالإنجليزية: Hyperglycemia). يمكن أن يحدث مرض السكري إذا كان البنكرياس غير قادر على إنتاج الإنسولين أو إذا كان الإنسولين المنتج غير فعال مما يؤدي إلى مقاومة الإنسولين.
تختلف أعراض مرض السكري من شخص لآخر، وقد لا يشعر البعض بوجود المرض في المراحل المبكرة نظرًا لقلة الأعراض، بينما قد يعاني آخرون من تلف في العينين والكلى والقلب والأوعية الدموية. إليك بعض الأعراض الشائعة:
- العطش المفرط (بالإنجليزية: Polydipsia).
- الجوع المفرط (بالإنجليزية: Polyphagia).
- التبول المتكرر (بالإنجليزية: Polyuria).
- فقدان الوزن غير المبرر.
- الشعور بالتعب أو النعاس.
- الرؤية الضبابية (بالإنجليزية: Blurry vision).
- جفاف الجلد والشعور بالحكة.
- الشعور بالتنميل أو الخدران في الأطراف.
- بطء في التئام الجروح والكدمات.
- تكرار العدوى الفطرية في الجلد أو اللثة أو المثانة أو المهبل.
- علامات تدل على مقاومة الإنسولين، مثل:
- اسوداد الجلد حول الرقبة أو تحت الإبطين.
- ارتفاع ضغط الدم.
- مشاكل في مستويات الكوليسترول.
- غياب الدورة الشهرية عند النساء أو الفتيات.
التهاب البنكرياس الوراثي
التهاب البنكرياس الوراثي (بالإنجليزية: Hereditary pancreatitis) يعد اضطرابًا جينيًا يتسم بنوبات متكررة من التهاب البنكرياس، والتي قد تتطور إلى التهاب مزمن. عادةً ما تحدث هذه النوبات في العقدين الأولين من حياة الفرد، ولكن يمكن أن تحدث في أي عمر.
تبدأ الأعراض غالباً في مرحلة الطفولة المتأخرة، حيث تظهر نوبات من التهاب البنكرياس الحاد تستمر عادةً من يوم إلى ثلاثة أيام. قد يعاني بعض الأشخاص من نوبات أطول. تشمل الأعراض الألم البطني، الحمى، الغثيان، والتقيؤ. قد يتطور المرض إلى التهاب البنكرياس الحاد المتكرر نتيجة للعدد الكبير من النوبات خلال عام واحد. تتباين عدد النوبات بين الأفراد، وعندما يتعرض الشخص لالتهاب مستمر، قد تتحول الحالة إلى التهاب البنكرياس المزمن، والذي يظهر عادةً في مرحلة مبكرة من البلوغ، ويتميز بأعراض مثل: آلام بطن متكررة، انتفاخ، وغازات، بالإضافة إلى تكلسات في البنكرياس.
تضخم البنكرياس
تضخم البنكرياس (بالإنجليزية: Pancreatic Enlargement) هو حالة تتمثل في زيادة حجم البنكرياس عن الحجم الطبيعي. الأعراض تختلف حسب السبب، فمثلاً في حالة التهاب البنكرياس قد يشعر المريض بألم في الجزء العلوي من البطن، وقد يمتد إلى الظهر، خاصةً عند تناول الطعام أو الشراب. بعض أسباب تضخم البنكرياس قد لا تكون مصحوبة بأي أعراض على الإطلاق. ومن بين الأعراض التي قد تظهر مع تضخم البنكرياس:
- الغثيان والقيء.
- الإسهال.
- فقدان الوزن.
- تسارع نبض القلب.
- اليرقان (بالإنجليزية: Jaundice).
لمعرفة المزيد حول تضخم البنكرياس، يمكن الاطلاع على المقال التالي: (تضخم البنكرياس).
التليف الكيسي
التليف الكيسي (بالإنجليزية: Cystic fibrosis) هو اضطراب وراثي يؤثر سلبًا على الجهاز الهضمي والرئتين وأعضاء أخرى في جسم الإنسان. يؤثر على الخلايا التي تنتج المخاط، مما يجعل الإفرازات لزجة وسميكة بدلاً من أن تكون رقيقة وسلسة، مما يؤدي إلى انسداد المسالك والقنوات، خاصةً في الرئتين والبنكرياس.
يمكن أن تختلف الأعراض حسب شدة المرض، إذ قد تتفاقم أو تتحسن مع الزمن، وقد لا تظهر أي علامات على بعض الأشخاص حتى سن المراهقة أو البلوغ. بعض الأعراض تشمل نوبات متكررة من التهاب البنكرياس، أو العقم، أو الالتهاب الرئوي المتكرر. تشمل الأعراض الأكثر شيوعًا:
- ملوحة العرق، حيث يمكن تذوق الملح عند تقبيل الأطفال.
- مشاكل في التنفس نتيجة انسداد المسالك التنفسية.
- مشاكل هضمية وسوء تغذية بسبب انسداد قناة البنكرياس.
- سعال حاد.
- إسهال.
- ضعف النمو.
قصور إفراز البنكرياس
قصور إفراز البنكرياس (بالإنجليزية: Exocrine pancreatic insufficiency) يعرّف بعدم إنتاج البنكرياس للكميات الكافية من الإنزيمات اللازمة لهضم العناصر الغذائية. ونظرًا لذلك، يمكن أن يحدث سوء التغذية وفقدان الوزن وألم في البطن. في البداية، قد لا يشعر مرضى قصور الإفراز بأي أعراض، ولكن مع تقدم الحالة، تبدأ أعراض أخرى بالظهور:
- الشعور بالامتلاء.
- غازات.
- إسهال.
- رائحة كريهة للبراز.
- ألم أو انزعاج عند لمس البطن.
سرطان البنكرياس
يبدأ سرطان البنكرياس (بالإنجليزية: Pancreatic cancer) في الأنسجة الخاصة به، ويُعتبر سرطان الغدد القنوية (بالإنجليزية: Pancreatic ductal adenocarcinoma) النوع الأكثر شيوعًا. يبدأ هذا السرطان في الخلايا التي تبطن القنوات وتعمل على نقل الإنزيمات الهضمية بالخارج. غالبًا ما يُكتشف المرض في مراحل متقدمة نظرًا لعدم ظهور أعراض واضحة في المراحل الأولى، وبمجرد انتشاره، يمكن أن تظهر الأعراض التالية:
- الإعياء والإجهاد.
- تجلط الدم.
- صعوبة التحكم في مرض السكري المعالج سابقًا.
- حكة في الجلد.
- تغير لون البول إلى الغامق.
- تغير لون البراز إلى الفاتح.
- اليرقان؛ أو اصفرار الجلد وبياض العينين.
- فقدان الشهية أو الوزن غير المبرر.
- ألم في البطن قد يمتد إلى الظهر.
من المهم الإشارة إلى أن العديد من الحالات المرضية الأخرى يمكن أن تسبب ظهور الأعراض السابقة، لذا يجب استشارة طبيب مختص عند ظهورها.
للمزيد من المعلومات حول سرطان البنكرياس، يمكن قراءة المقال التالي: (سرطان البنكرياس وعلاجه).
نظرة شاملة حول البنكرياس
البنكرياس (بالإنجليزية: Pancreas) هو غدة تقع خلف المعدة، ويلعب دورًا هامًا في الجهاز الهضمي. ينتج البنكرياس مادة الإنسولين والهرمونات الأخرى التي تنظم قدرة الجسم على استخدام السكر أو الجلوكوز. يقوم أيضًا بتزويد الأمعاء بالإنزيمات اللازمة لهضم الدهون والبروتينات والكربوهيدرات إلى جزيئات قابلة للهضم. لذلك، فإن أي مشاكل تتعلق بالبنكرياس تؤثر على الجسم بشكل عام. على سبيل المثال، جزر لانغرهانس (بالإنجليزية: Islets of Langerhans) تنظم مستويات الجلوكوز، وبالتالي فإن انخفاض إنتاج الإنسولين يمكن أن يؤدي إلى خطر الإصابة بمرض السكري وزيادة مستويات الجلوكوز في الدم، كما يمكن أن يسبب عدم إنتاج الإنزيمات الهضمية فقدان الوزن والإسهال نتيجة لصعوبة امتصاص الطعام بشكل صحيح.
فيديو حول أعراض سرطان البنكرياس
كما هو الحال مع أي مرض، لا توجد أعراض واضحة في البداية. لكن عندما يتفاقم المرض، ما هي الأعراض التي قد تظهر؟